دور الأسرة في انحراف الابناء و بخاصة (الفتياات)......
مما لا شك فية ان للاسرة دور هاام جدا في حياة ابنائهم فمن خلال الاسرة يمكن ان يكون الابن او الابنة اناس يفخر بهم المجتمع و العكس صحيح..
لذا قررت ان اعرض لدور الاسرة في خلق ابنة منحرفة ..
و ذلك من خلال اجزاء استقطعتها من بحث الدراسات العليا الخاص بي..
لاشك في أن المرأة تولد وتنمو في محيط اجتماعي معين لايكون لها الخيار في تحديده أو انتقائه فيكون بمثابة التربة التي تغذي نشأتها الإنسانية فهي تشب ضمن هذا المجتمع وتكتسب عاداته ومبادئه السلوكية(1) . فالإنسان وليد الوراثة والمحيط ، فبقدر ماتكون المبادئ السائدة في المحيط الاجتماعي سليمة وصحيحة بقدر مايشب الفرد على
مبادئ سلوكية قويمة تشكل شخصيته ، والعكس صحيح فكلما كان المحيط الاجتماعي خاليا من القيم يسوده الانحلال كلما شب الفرد مشبعا بقيم سلبية هدامة ومتمتعا بشخصية غير متوازنة اجتماعيا ، شخصية هشة قابلة للانحراف السريع . ومن ثم كان لزاما علينا أن نتعرض للعوامل الخارجية التي من شأنها التأثير على إجرام المرأة .
و للحديث بقية....
الأسرة : دورها ـ تأثيرها
تقديم :
مما لاشك فيه أن الأسرة هي المجتمع الأول الذي تبدأ فيه الابنة حياتها وتقضي فيه طفولتها حيث تتأثر بكل مايمر بأسرتها من أحداث ومايحيط بها من مشاعر طيبة أو سيئة ، وماتلقاه من عناية أو إهمال . فالأسرة تلعب دورا هاما وحيويا وأساسيا في تكوين شخصية الفرد ذكرا كان أو أنثى ، حيث أن الفرد يميل في طفولته إلى التقليد ، وأول صور السلوك الذي تصادفه وتثير فيه النزعة إلى التقليد هومايحدث في نطاق أسرته ، ومن ثم كانت للأسرة أهميتها البالغة في علم الإجرام نظرا لما لها من دور خطير في تكوين الشخصية الإجرامية للطفل ، وقد صدق الإمام الغزالي حين قال : "إن الطفل أمانة عند والديه في قلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ماينقش ومائل لكل مايمال إليه" .
الفر ع الأول : دور الأسرة في خلق طفل مجرم :
أول صورة يراها الرضيع عندما يفتح عينيه على الدنيا هي منزل أسرته ، وفي منزل الأسرة يبدأ الأبوين في بناء شخصية طفلهما ، وعماد شخصية الطفل هو تكوين الضمير الأخلاقي لديه عن طريق غرس القيم الدينية والخلقية والاجتماعية في نفس الطفل فضلا عن تطوير وتنمية ملكات الجانب العاطفي لديه(1) ، ومما لاشك فيه أن دور الأبوين
ـــــــــــ في هذا المجال هو دور أساسي وحاسم ، حيث أكدت العديد من الأبحاث على أن أي خلل أو اضطراب يعرقل الأسرة عن أداء رسالتها في تربية طفلها يؤدي غالبا في المستقبل إلى الانحراف ومن ثم إلى الإجرام .
الفرع الثاني : دور الأم في تكوين شخصية طفلتها :
احتياج الطفلة لأمها يفوق احتياجها للماء والهواء ، فالطفل يعرف أمه ويحبها ويتعلق بها منذ وجوده في أحشائها وعندما ينزل إلى الدنيا فإن الإنسانة الوحيدة التي يستطيع أن يميزها ويشعر بدقات قلبها وماإذا كانت بجواره أم لا هي أمه ، وبناء عليه فإن الأم هي المدرسة والمعلم الأول لطفلها حيث تساهم بنسبة كبيرة في تكوين شخصية طفلها ومن ثم نستطيع ان نقول أنه إذا كانت الأم مجرمة أو منحرفة فمن البديهي أن ينتقل سلوكها الإجرامي هذا إلى طفلها بالمعاشرة والمخالطة خاصة إذا كان نوع الطفل أنثى لما هو معروف من أن الطفلة تكون دائما شديدة الصلة بأمها ، لصيقة بها ، ترى في والدتها القدوة فتقلدها في التصرفات وتقلدها في الملبس والمأكل والحديث ، وبمرور الوقت تصبح الطفلة صورة مصغرة لأمها ، ورويدا رويدا نجد أنفسنا أمام الأم بذاتها لايوجد اختلاف سوى في بعض الأشياء غير الجوهرية ، ولكننا لانستطيع التأكيد على أن انحراف الأم يتبعه انحراف الابنة ، وأن مثالية الأم تتبعها مثالية الابنة فكثيرا مانجد فتاة فاضلة لأم ساقطة أو فتاة ساقطة لأم فاضلة ، ويتبادر هنا إلى ذهننا سؤال هام كيف تنزلق الفتاة إلى الهاوية وهي تعيش في كنف أم فاضلة؟
إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في كيفية معاملة الأم لابنتها حيث أن كثرة تعلق البنت بأمها تولد لديها عقدة نفسية تكون من آثارها حاجة الابنة الدائمة إلى العطف وخوفها من الحياة والابتعاد عن الآخرين وتأثرها الشديد بما توحي إليها به أمها . أما ابتعاد الأم عن ابنتها أو وفاتها يولد لدى الابنة فراغا عاطفيا يكون من شأنه تجمد عاطفة الابنة نحو الآخرين وعدم تأثرها أو انفعالها بما يصيب الغير وطمس شعور الرأفة والحنان لديها بما يجعلها إنسانة حادة يمكن أن ترتكب الأفعال القاسية دون رادع ودون أن يؤثر فيها بكاء أو توسل وكأن في قيامها بتعذيب الآخرين تعويض لها عن عذابها وشفاء لها من أمراضها . هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ضعف شخصية الأم في معاملتها مع ابنتها يجعلها تشب على هواها لاتعرف حدودا لتصرفاتها ولاحرمة لمن يكبرها في العمر ولاطاعة لأهلها ، مستهترة لاتقدر عواقب الأمور .
أما إذا كانت الأم قوية الشخصية شديدة المراس عنيفة في معاملتها مع ابنتها بدرجة كبيرة نشأت الابنة محرومة من الشعور بالعطف ، سهلة الانقياد لأي شخص يغمرها بالحنان والعطف ، منكمشة على نفسها ، تعاني من كبت في شخصيتها وميولها . وفي كل الحالات لاتنشأ الابنة نشأة طبيعية بل نشأة يعتريها خلل جوهري يؤثر في تكوين شخصية الابنة وحاستها الاجتماعية . وفي النهاية نؤكد على دور الأم في تكوين شخصية ابنتها هو دور حاسم وجوهري لايمكن تهميشه أو تجاهله ، وأن فقد الابنة لأمها نتيجة لقسوة الأم أو لموتها يكون عاملا رئيسيا في انحراف سلوكها مستقبلا ، والأمثلة عديدة على ذلك ولعل أبرزها ماطالعتنا به الصحف وتحديدا أخبار الحوادث في عددها الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 2005 جريمة بعنوان طالبة الألسن في السجن ، وملخص الجريمة يتمثل في أن فتاة ماتت أمها وهي تلدها فاحتضنها والدها حتى التحقت بكلية الألسن ومنذ صغرها وهي تسرق الآخرين بالرغم من ثراء عائلتهامما حدا بوالدها إلى الإبلاغ عنها ليقف أمام المقدم/ علاء عابد رئيس مباحث الهرم يطلب القبض على ابنته حيث أثبتت تحريات المباحث قيامها بارتكاب سبعة عشرة جريمة مابين سرقة ونصب لتقف الفتاة أمام ضباط المباحث وتقول أنها لاتدري لماذا تسرق وماالهدف من سرقتها؟ ولعلنا نستطيع أن نقول أن فقد تلك الفتاة لأمهامنذ أن كانت رضيعة كون عندها عقدة نفسية فأصبحت ترغب في الانتقام من الدنيا التي حرمتها من أمها فلم تجد غير السرقة كوسيلة للانتقام ، خاصة أن الأب لم يستطع تعويضها عن حنان الأم فقسوته واضحة ، فبدلا من أن يعالجها أبلغ عنها الشرطة ، وكان الأحرى أن يكون مانشيت الخبر عالجوني قبل أن تحاكموني .....
: دور الأب في تكوين شخصية طفلته :
مما لاشك فيه أن دور الأب في حياة ابنته لايقل أهمية عن دور الأم فهو يمثل الاستقرار والأمان بالنسبة لها ، فالابنة دائما في حاجة لوجود والدها بجوارها حيث يتحمل مسئوليتها ويبدي لها النصح والإرشاد ويشملها برقابته ويحميها ويسندها عند الصعاب ، فالأب بالنسبة للابنة الشمعة التي تضئ لها الطريق ، والأسد الثائر الساهر على حمايتها وأمنها وأمانها من شر ذئاب الحياة . ولاخلاف على أن سلوك الأب بين أفراد عائلته يؤثر أيضا على سلوك ابنته ، فإذا كان الأب قاسيا شديداعلى ابنته بصورة مبالغ فيها أصبحت الابنة غير واثقة بنفسها ، محطمة الإرادة ، غير ناضجة اجتماعيا مترددة في اتخاذ قراراتها متوهمة دائما أنها على خطأ وأن الغير أفضل منها . أما إذا كان الأب ضعيفا غير حازم في معاملته فإن الابنة تنشأ لاحرمة لديها لأحد ولاتقدير فتتصف أفعالها ومواقفها باللامبالاة والاستهتار .
أما في حالة الأب الفاسد مدمن الكحول أو المخدرات والذي يعود إلى منزله فاقدا للوعي فإن هذه الحالة تجعل الابنة تسلك طريق من اثنين :
الطريق الأول : شعورها بأن كرامتها تمس في الصميم وبناء على ذلك تحاول أن تثأر لنفسها وتنقذ والدتها من براثن والدها فتعتمد على نفسها وتحاول البحث عن عمل يدر عليها ربحا تستغنى به عن أبيها .
الطريق الثاني : انحراف الابنة وتوجهها نحو الشر كالقيام بأعمال إجرامية يعاقب عليها القانون مثل (ممارسة البغاء ، تجارة المخدرات ، السرقة) ليكون مصيرها خلف القضبان .
وقد ورد بكتاب الشبيبة المنحرفة تتهمكم للآنسة أوديت فيلبون(1) نتيجة إحصاء عالمي أجري بين سنة 1946 و1949 وتناول 18376 فتاة جانحة في 25 دولة من أنحاء العالم حيث كانت النتيجة الرئيسية لهذا الإحصاء في بعض الدول كما يلي :
الدولة
الجانحات
اليتيمات
بنات غير شرعيات
بنات مهملات ومشردات
هجر الوالدين
طلاق الوالدين
ألمانيا
1244
22.5%
13.98%
3.93%
--
14.95%
انجلترا
1146
16.75%
15.27%
6.02%
--
14.83%
الأرجنتين
919
7.88%
62.89%
6.20%
5.87%
3.91%
استراليا
390
9.75%
--
1.28%
1.28%
8.46%
النمسا
400
5%
32%
2%
--
50%
بلجيكا
361
13.85%
34.90%
8.31%
2.49%
55.40%
كندا
1384
26.87%
4.55%
9.32%
16.54%
2.81%
مصر
80
56.25%
50%
18.75%
--
7.50%
الولايات المتحدة
4638
10.54%
5.51%
3.40%
2.37%
27.01%
فرنسا
3775
14.49%
13%
8.74%
0.45%
27.01%
ايطاليا
892
36.54%
21.52%
9.52%
--
9.52%
البرتغال
731
22.84%
20.51%
7.11%
--
4.24%
حيث خلصت الباحثة إلى النسب الآتية بين الجانحات :
يتيمات 18.09%
بنات غير شرعيات 16.01%
مهملات أو مشردات 6.88%
الوالدان مفترقان 2.30%
الوالدان مطلقان 20.04%
وأن نسبة انحلال العائلة في الإجمال بلغ 81.88% هذا الانحلال ناتج عن أحد العوامل المذكورة أعلاه .
رأينا في الموضوع :
من مطالعة الإحصائية السابقة يتضح لنا مدى أهمية دور الأسرة في حياة الابنة والدور الحيوي الذي تساهم به كل أسرة في تكوين شخصية ابنتها . وبالنظر إلى نتائج الإحصائية أيضا يتضح لنا أن الأسرة المفككة تكون العامل الرئيسي في انحراف ابنتها ، حيث أن طلاق الوالدين من شأنه انحراف الأبناء نظرا لما قد يسبق الطلاق من خلافات ومشاحنات ومايلي الطلاق من تفرق الوالدين وتشتت الابنة أو الابن بينهم وشعورهم بنقص عن باقي أقرانهم .
أما عن اليتم فإننا لانستطيع أن ننكر تأثيره المباشر على سلوك الفتاة حيث أنه مهما كانت درجة عطف وعناية سائر الأقارب فإنها أبدا لاتقوم مقام عاطفة ورعاية الأم أو الأب فلو اجتمع أهل الدنياجميعهم على تعويض الابنة عن فقدها لوالدها أو والدتها لوقفوا جميعهم عاجزين عن سد الفراغ العاطفي الذي تشعر به الابنة في حال غياب أحد والديها ، فضلا عن أن المحيط العائلي المصطنع الذي تنتقل إليه الفتاة في حال وفاة أحد والديها أو كليهما يسبب لها بعض التصدع في حياتها ، الأمر الذي يستحيل معه انسجامها الكلي مع محيطها الجديد ، هذا مايحمل بعض الفتيات على الهروب من بيوت أوليائهن والتشرد مما يقودهن حتما إلى الانحراف .
أما عن الجانحات من البنات غير الشرعيات فنرى أن ذلك مرده إلى إدراك الفتاة لوضعها المشين وإلى صفة الذل التي ترافقها بالنظر إلى أقرانها المولودات من زواج شرعي مما يولد لديها الشعور بمركب نقص تحاول دائما أن تغطيه بأعمال وتصرفات غالبا ماتكون إجرامية ونادرا ما تكون حسنة .
الفرع الرابع : مشكلة الابنة الوحيدة ـ أولاد الأسر الثرية ، كثرة الأولاد في العائلة الواحدة :
أولا : مشكلة الابنة الوحيدة :
قد يتصور البعض أنه لاتثور مشكلة بالنسبة للابنة الوحيدة نظرا للاهتمام والرعاية المبالغ فيهما من قبل والديها حيث يكون من الصعب انحرافها نظرا لأن لكل متطلباتها مجابة ، ولايوجد غيرها يحظى بعناية الوالدين ، ولكن علميا وعمليا نجد أن مشكلة الابنة الوحيدة على قدر كبير من الأهمية حيث تثور المشكلة عندما تنشأ الابنة الوحيدة في كنف والدين يوجهان نحوها كل الاهتمام محاولين حمايتها من كل العوامل التي يمكن أن تسبب لها أي إزعاج ولو بسيط ، فضلا عن قيامهما بتذليل كل العقبات التي يمكن أن تقف عائقا أماما وفي أحوال كثيرة يحملان عنها حتى عبء التفكير مما ينتج عنه نشأة الابنة وترعرعها في جو من الأنانية تفقد في ظله الشعور بالغير ، رافضة تماما أن يشاركها أي إنسان آخر في هذا الجو المترف فتتسم حينئذ شخصيتها بالخوف والتردد والأنانية التي تكون أول طريق الانحراف السلوكي الذي يمكن وبسهولة أن يكتسب الصفة الإجرامية .
في هذا المجال هو دور أساسي وحاسم ، حيث أكدت العديد من الأبحاث على أن أي خلل أو اضطراب يعرقل الأسرة عن أداء رسالتها في تربية طفلها يؤدي غالبا في المستقبل إلى الانحراف ومن ثم إلى الإجرام .
ثانيا : مشكلة كثرة الأولاد في العائلة الواحدة :
إن كثرة عدد الأولاد في الأسرة الواحدة ينتج عنها مضاعفات جسيمة تنعكس على سلوك الأبناء لاسيما عندما تكون الإمكانيات المادية للأهل محدودة ، فضلا على غياب الرقابة والتوجيه نظرا لانشغال الأب بالبحث عن لقمة العيش وتوفيرها لأبنائه ، وانشغال الأم بالمهام المنزلية من إعداد الطعام والنظافة وخلافه إن لم تكن تعمل أيضا في الخارج . حيث تكون النتيجة المنطقية لهذا الوضع هي تشتت الصغار وفرارهم إلى الشوارع نظرا لانعدام الرقابة فضلا عن الخلافات التي تنشأ بين الاخوة والغيرة التي تدب في نفس أي منهم إذا حظى أخيه بعناية واهتمام والديه ، فتجتمع تلك العوامل لتصنع لنا في النهاية شخصا قلما يكون فالحا وغالبا مايكون منحرفا .
ثالثا : مشكلة أولاد الأسر الثرية :
إن مشكلة أولاد الأسر الثرية تحظى باهتمام بالغ من جانب العلماء وذلك نظرا لازدياد معدل الإجرام بين أولاد تلك الأسر خاصة الأحداث منهم .
وقد تعرض الدكتور اندره رسون لتلك المشكلة في مقال نشر له في المجلة الدولية للعلم الجنائي والبوليس الفني(1) وخرج بالنتائج التالية :
(أ) أن مرد انحراف أبناء الأسر الثرية يعود في المقام الأول إلى انصراف آبائهم إلى الحياة المادية سعيا وراء الحصول على المال دون الالتفات إلى أبنائهم ، وانهماك الأم بمظاهر الرفاهية والحفلات والسهرات مما ينتج عنه حرمان الأبناء من العطف والحنان والرعاية ، حيث يتولد لدى الطفل شعور بالفراغ العاطفي ، مع ملاحظة أن تكليف المربية بأمر الأطفال لايعوضهم عن حنان الأم والأب المفتقد بسبب لهث الوالدين خلف المادة .
(ب) يتصف أبناء الأسر الثرية بالكذب والنفاق لدرجة المرض فهم دائما يحاولون إيهام الناس والظهور بمظهر لايمت إلى حقيقتهم بصلة ، ولعل أهم هذه المظاهر إعطاء أهمية خاصة لشخصهم ، وفي الحقيقة أننا لو جردناهم من اسم العائلة التي يحملونها ومن قناع الثراء الذي يرتدونه لأصبحت شخصية كل منهم أقل من الوسط .
(ج) بالرغم من الثراء الذي يتمتع به أبناء الأسر الثرية إلا أنهم دائما في حاجة مستمرة إلى النقود للصرف على مذاتهم وفي ظل غياب الرقيب على تصرفاتهم نجدهم سريعا ماينزلقون إلى الهاوية حيث يرتكبون جرائم السرقة أو القتل أو إعطاء شيكات بدون رصيد .
(د) أن أبناء الأسر الثرية يميلون دائما إلى تعاطي الكحول وعدم المحافظة على صحتهم مما يعرضهم لأخطار جسيمة تكون نتيجتها الحتمية اندفاعهم إلى طريق الجريمة ، وقد ذكر د.ربون مثالا على ذلك وهو قيام ثلاثة أولاد دفعهم مرض الغيرة الذي تملكهم إلى محاولة قتل أشقائهم .
ونحن نضيف : أن انعدام الرقابة يمثل السبب الرئيسي في انحراف الأبناء سواء كانوا أبناء أسر ثرية أو غير ثرية ، فرقابة الوالدين لأبنائهما خاصة في سن المراهقة هامة جدا ، ولاسيما على الإناث حيث أن الابنة في سن المراهقة تكون مضطربة التفكير سهلة الانقياد عاطفية سريعة التأثر بأصدقائها نظرا للتغيرات الفسيولوجية التي تمر بها في تلك المرحلة ، فضلا عن أنه لايوجد مجتمع مدرسي أو اجتماعي يخلو من أصدقاء السوء الذين يمثلون في حقيقة الأمر خطرا داهما على بناتنا يمكن في لحظة أن يعصف بالأسرة جميعها . ولعل أبرز جريمة اهتزت لها الأرض والسماء قد طالعتنا بها الصحف تحديدا صحيفة أخبار الحوادث العدد 713(1) بتاريخ 1 من ديسمبر سنة 2005 كانت لطالبة معهد الكمبيوتر وحيدة والديها التي قتلت أمها بسكين حاد ، نعم قتلت أمها بسكين حاد وظلت تطعنها في كل أجزاء جسدها حتى تفجرت الدماء منها وسقطت وسط بركة من الدماء ، والسبب كان أصدقاء السوء والتدليل الزائد للابنة الوحيدة . وطبقا لاعترافات المتهمة أمام رئيس مباحث قسم 15 مايو فإنها نشأة في أسرة صغيرة تضم الأب والأم ولم ينجبا سواها الأمر الذي ساهم في تدليلها وتلبية كل طلباتها وعلى حد قولها كانت "أحلامها مجابة" وبعد وفاة الأب ارتبكت الحالة المادية للمتهمة ووالدتها في تلك الأثناء تعرفت المتهمة على صديقة سوء زميلة لها في معهد الكمبيوتر حيث أقنعتها بممارسة البغاء بأجر مما كان له أبلغ الأثر في تمرد المتهمة على حياتها وعلى والدتها وبدأت تدب بين المتهمة وأمها الخلافات والمشادات حتى قامت الأم بضبط ابنتها أثناء هروبها من المنزل مما أثار غضب الابنة وحدا بها إلى أن تمسك بسكين وتقتل أعز الناس . أمها ..
ليس ذلك فقط بل قامت المتهمة بتبديل ملابسها الملوثة بدماء أمها القتيلة وأخفتها وخرجت إلى المعهد وعادت في خطة تمويهية لتصرخ وتؤكد أن أمها قتلت أثناء وجودها خارج المنزل ، ليس ذلك فقط بل أنها جلست في سرادق العزاء تبكي أمها وتتلقى عزاءها وفي النهاية ألقت المتهمة باللوم على والديها وأرجعت إجرامها وانحرافها إلى التدليل الزائد الذي كان العامل الرئيسي لنشأتها ضعيفة الشخصية والإرادة ، فضلا عن عصبية المزاج التي كانت تتمتع بها وثورتها لأتفه الأسباب . وإن كنا آثرنا أن نتناول تلك الجريمة بالذات للتأكيد على وجود مشكلة الابنة الوحيدة وسهولة إنزلاقها إلى عالم الإجرام ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لتأييد رأينا على ضرورة وأهمية الرقابة على الأبناء في سن المراهقة ...........
و للحديث بقية.....
مما لا شك فية ان للاسرة دور هاام جدا في حياة ابنائهم فمن خلال الاسرة يمكن ان يكون الابن او الابنة اناس يفخر بهم المجتمع و العكس صحيح..
لذا قررت ان اعرض لدور الاسرة في خلق ابنة منحرفة ..
و ذلك من خلال اجزاء استقطعتها من بحث الدراسات العليا الخاص بي..
لاشك في أن المرأة تولد وتنمو في محيط اجتماعي معين لايكون لها الخيار في تحديده أو انتقائه فيكون بمثابة التربة التي تغذي نشأتها الإنسانية فهي تشب ضمن هذا المجتمع وتكتسب عاداته ومبادئه السلوكية(1) . فالإنسان وليد الوراثة والمحيط ، فبقدر ماتكون المبادئ السائدة في المحيط الاجتماعي سليمة وصحيحة بقدر مايشب الفرد على
مبادئ سلوكية قويمة تشكل شخصيته ، والعكس صحيح فكلما كان المحيط الاجتماعي خاليا من القيم يسوده الانحلال كلما شب الفرد مشبعا بقيم سلبية هدامة ومتمتعا بشخصية غير متوازنة اجتماعيا ، شخصية هشة قابلة للانحراف السريع . ومن ثم كان لزاما علينا أن نتعرض للعوامل الخارجية التي من شأنها التأثير على إجرام المرأة .
و للحديث بقية....
الأسرة : دورها ـ تأثيرها
تقديم :
مما لاشك فيه أن الأسرة هي المجتمع الأول الذي تبدأ فيه الابنة حياتها وتقضي فيه طفولتها حيث تتأثر بكل مايمر بأسرتها من أحداث ومايحيط بها من مشاعر طيبة أو سيئة ، وماتلقاه من عناية أو إهمال . فالأسرة تلعب دورا هاما وحيويا وأساسيا في تكوين شخصية الفرد ذكرا كان أو أنثى ، حيث أن الفرد يميل في طفولته إلى التقليد ، وأول صور السلوك الذي تصادفه وتثير فيه النزعة إلى التقليد هومايحدث في نطاق أسرته ، ومن ثم كانت للأسرة أهميتها البالغة في علم الإجرام نظرا لما لها من دور خطير في تكوين الشخصية الإجرامية للطفل ، وقد صدق الإمام الغزالي حين قال : "إن الطفل أمانة عند والديه في قلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ماينقش ومائل لكل مايمال إليه" .
الفر ع الأول : دور الأسرة في خلق طفل مجرم :
أول صورة يراها الرضيع عندما يفتح عينيه على الدنيا هي منزل أسرته ، وفي منزل الأسرة يبدأ الأبوين في بناء شخصية طفلهما ، وعماد شخصية الطفل هو تكوين الضمير الأخلاقي لديه عن طريق غرس القيم الدينية والخلقية والاجتماعية في نفس الطفل فضلا عن تطوير وتنمية ملكات الجانب العاطفي لديه(1) ، ومما لاشك فيه أن دور الأبوين
ـــــــــــ في هذا المجال هو دور أساسي وحاسم ، حيث أكدت العديد من الأبحاث على أن أي خلل أو اضطراب يعرقل الأسرة عن أداء رسالتها في تربية طفلها يؤدي غالبا في المستقبل إلى الانحراف ومن ثم إلى الإجرام .
الفرع الثاني : دور الأم في تكوين شخصية طفلتها :
احتياج الطفلة لأمها يفوق احتياجها للماء والهواء ، فالطفل يعرف أمه ويحبها ويتعلق بها منذ وجوده في أحشائها وعندما ينزل إلى الدنيا فإن الإنسانة الوحيدة التي يستطيع أن يميزها ويشعر بدقات قلبها وماإذا كانت بجواره أم لا هي أمه ، وبناء عليه فإن الأم هي المدرسة والمعلم الأول لطفلها حيث تساهم بنسبة كبيرة في تكوين شخصية طفلها ومن ثم نستطيع ان نقول أنه إذا كانت الأم مجرمة أو منحرفة فمن البديهي أن ينتقل سلوكها الإجرامي هذا إلى طفلها بالمعاشرة والمخالطة خاصة إذا كان نوع الطفل أنثى لما هو معروف من أن الطفلة تكون دائما شديدة الصلة بأمها ، لصيقة بها ، ترى في والدتها القدوة فتقلدها في التصرفات وتقلدها في الملبس والمأكل والحديث ، وبمرور الوقت تصبح الطفلة صورة مصغرة لأمها ، ورويدا رويدا نجد أنفسنا أمام الأم بذاتها لايوجد اختلاف سوى في بعض الأشياء غير الجوهرية ، ولكننا لانستطيع التأكيد على أن انحراف الأم يتبعه انحراف الابنة ، وأن مثالية الأم تتبعها مثالية الابنة فكثيرا مانجد فتاة فاضلة لأم ساقطة أو فتاة ساقطة لأم فاضلة ، ويتبادر هنا إلى ذهننا سؤال هام كيف تنزلق الفتاة إلى الهاوية وهي تعيش في كنف أم فاضلة؟
إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في كيفية معاملة الأم لابنتها حيث أن كثرة تعلق البنت بأمها تولد لديها عقدة نفسية تكون من آثارها حاجة الابنة الدائمة إلى العطف وخوفها من الحياة والابتعاد عن الآخرين وتأثرها الشديد بما توحي إليها به أمها . أما ابتعاد الأم عن ابنتها أو وفاتها يولد لدى الابنة فراغا عاطفيا يكون من شأنه تجمد عاطفة الابنة نحو الآخرين وعدم تأثرها أو انفعالها بما يصيب الغير وطمس شعور الرأفة والحنان لديها بما يجعلها إنسانة حادة يمكن أن ترتكب الأفعال القاسية دون رادع ودون أن يؤثر فيها بكاء أو توسل وكأن في قيامها بتعذيب الآخرين تعويض لها عن عذابها وشفاء لها من أمراضها . هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ضعف شخصية الأم في معاملتها مع ابنتها يجعلها تشب على هواها لاتعرف حدودا لتصرفاتها ولاحرمة لمن يكبرها في العمر ولاطاعة لأهلها ، مستهترة لاتقدر عواقب الأمور .
أما إذا كانت الأم قوية الشخصية شديدة المراس عنيفة في معاملتها مع ابنتها بدرجة كبيرة نشأت الابنة محرومة من الشعور بالعطف ، سهلة الانقياد لأي شخص يغمرها بالحنان والعطف ، منكمشة على نفسها ، تعاني من كبت في شخصيتها وميولها . وفي كل الحالات لاتنشأ الابنة نشأة طبيعية بل نشأة يعتريها خلل جوهري يؤثر في تكوين شخصية الابنة وحاستها الاجتماعية . وفي النهاية نؤكد على دور الأم في تكوين شخصية ابنتها هو دور حاسم وجوهري لايمكن تهميشه أو تجاهله ، وأن فقد الابنة لأمها نتيجة لقسوة الأم أو لموتها يكون عاملا رئيسيا في انحراف سلوكها مستقبلا ، والأمثلة عديدة على ذلك ولعل أبرزها ماطالعتنا به الصحف وتحديدا أخبار الحوادث في عددها الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 2005 جريمة بعنوان طالبة الألسن في السجن ، وملخص الجريمة يتمثل في أن فتاة ماتت أمها وهي تلدها فاحتضنها والدها حتى التحقت بكلية الألسن ومنذ صغرها وهي تسرق الآخرين بالرغم من ثراء عائلتهامما حدا بوالدها إلى الإبلاغ عنها ليقف أمام المقدم/ علاء عابد رئيس مباحث الهرم يطلب القبض على ابنته حيث أثبتت تحريات المباحث قيامها بارتكاب سبعة عشرة جريمة مابين سرقة ونصب لتقف الفتاة أمام ضباط المباحث وتقول أنها لاتدري لماذا تسرق وماالهدف من سرقتها؟ ولعلنا نستطيع أن نقول أن فقد تلك الفتاة لأمهامنذ أن كانت رضيعة كون عندها عقدة نفسية فأصبحت ترغب في الانتقام من الدنيا التي حرمتها من أمها فلم تجد غير السرقة كوسيلة للانتقام ، خاصة أن الأب لم يستطع تعويضها عن حنان الأم فقسوته واضحة ، فبدلا من أن يعالجها أبلغ عنها الشرطة ، وكان الأحرى أن يكون مانشيت الخبر عالجوني قبل أن تحاكموني .....
: دور الأب في تكوين شخصية طفلته :
مما لاشك فيه أن دور الأب في حياة ابنته لايقل أهمية عن دور الأم فهو يمثل الاستقرار والأمان بالنسبة لها ، فالابنة دائما في حاجة لوجود والدها بجوارها حيث يتحمل مسئوليتها ويبدي لها النصح والإرشاد ويشملها برقابته ويحميها ويسندها عند الصعاب ، فالأب بالنسبة للابنة الشمعة التي تضئ لها الطريق ، والأسد الثائر الساهر على حمايتها وأمنها وأمانها من شر ذئاب الحياة . ولاخلاف على أن سلوك الأب بين أفراد عائلته يؤثر أيضا على سلوك ابنته ، فإذا كان الأب قاسيا شديداعلى ابنته بصورة مبالغ فيها أصبحت الابنة غير واثقة بنفسها ، محطمة الإرادة ، غير ناضجة اجتماعيا مترددة في اتخاذ قراراتها متوهمة دائما أنها على خطأ وأن الغير أفضل منها . أما إذا كان الأب ضعيفا غير حازم في معاملته فإن الابنة تنشأ لاحرمة لديها لأحد ولاتقدير فتتصف أفعالها ومواقفها باللامبالاة والاستهتار .
أما في حالة الأب الفاسد مدمن الكحول أو المخدرات والذي يعود إلى منزله فاقدا للوعي فإن هذه الحالة تجعل الابنة تسلك طريق من اثنين :
الطريق الأول : شعورها بأن كرامتها تمس في الصميم وبناء على ذلك تحاول أن تثأر لنفسها وتنقذ والدتها من براثن والدها فتعتمد على نفسها وتحاول البحث عن عمل يدر عليها ربحا تستغنى به عن أبيها .
الطريق الثاني : انحراف الابنة وتوجهها نحو الشر كالقيام بأعمال إجرامية يعاقب عليها القانون مثل (ممارسة البغاء ، تجارة المخدرات ، السرقة) ليكون مصيرها خلف القضبان .
وقد ورد بكتاب الشبيبة المنحرفة تتهمكم للآنسة أوديت فيلبون(1) نتيجة إحصاء عالمي أجري بين سنة 1946 و1949 وتناول 18376 فتاة جانحة في 25 دولة من أنحاء العالم حيث كانت النتيجة الرئيسية لهذا الإحصاء في بعض الدول كما يلي :
الدولة
الجانحات
اليتيمات
بنات غير شرعيات
بنات مهملات ومشردات
هجر الوالدين
طلاق الوالدين
ألمانيا
1244
22.5%
13.98%
3.93%
--
14.95%
انجلترا
1146
16.75%
15.27%
6.02%
--
14.83%
الأرجنتين
919
7.88%
62.89%
6.20%
5.87%
3.91%
استراليا
390
9.75%
--
1.28%
1.28%
8.46%
النمسا
400
5%
32%
2%
--
50%
بلجيكا
361
13.85%
34.90%
8.31%
2.49%
55.40%
كندا
1384
26.87%
4.55%
9.32%
16.54%
2.81%
مصر
80
56.25%
50%
18.75%
--
7.50%
الولايات المتحدة
4638
10.54%
5.51%
3.40%
2.37%
27.01%
فرنسا
3775
14.49%
13%
8.74%
0.45%
27.01%
ايطاليا
892
36.54%
21.52%
9.52%
--
9.52%
البرتغال
731
22.84%
20.51%
7.11%
--
4.24%
حيث خلصت الباحثة إلى النسب الآتية بين الجانحات :
يتيمات 18.09%
بنات غير شرعيات 16.01%
مهملات أو مشردات 6.88%
الوالدان مفترقان 2.30%
الوالدان مطلقان 20.04%
وأن نسبة انحلال العائلة في الإجمال بلغ 81.88% هذا الانحلال ناتج عن أحد العوامل المذكورة أعلاه .
رأينا في الموضوع :
من مطالعة الإحصائية السابقة يتضح لنا مدى أهمية دور الأسرة في حياة الابنة والدور الحيوي الذي تساهم به كل أسرة في تكوين شخصية ابنتها . وبالنظر إلى نتائج الإحصائية أيضا يتضح لنا أن الأسرة المفككة تكون العامل الرئيسي في انحراف ابنتها ، حيث أن طلاق الوالدين من شأنه انحراف الأبناء نظرا لما قد يسبق الطلاق من خلافات ومشاحنات ومايلي الطلاق من تفرق الوالدين وتشتت الابنة أو الابن بينهم وشعورهم بنقص عن باقي أقرانهم .
أما عن اليتم فإننا لانستطيع أن ننكر تأثيره المباشر على سلوك الفتاة حيث أنه مهما كانت درجة عطف وعناية سائر الأقارب فإنها أبدا لاتقوم مقام عاطفة ورعاية الأم أو الأب فلو اجتمع أهل الدنياجميعهم على تعويض الابنة عن فقدها لوالدها أو والدتها لوقفوا جميعهم عاجزين عن سد الفراغ العاطفي الذي تشعر به الابنة في حال غياب أحد والديها ، فضلا عن أن المحيط العائلي المصطنع الذي تنتقل إليه الفتاة في حال وفاة أحد والديها أو كليهما يسبب لها بعض التصدع في حياتها ، الأمر الذي يستحيل معه انسجامها الكلي مع محيطها الجديد ، هذا مايحمل بعض الفتيات على الهروب من بيوت أوليائهن والتشرد مما يقودهن حتما إلى الانحراف .
أما عن الجانحات من البنات غير الشرعيات فنرى أن ذلك مرده إلى إدراك الفتاة لوضعها المشين وإلى صفة الذل التي ترافقها بالنظر إلى أقرانها المولودات من زواج شرعي مما يولد لديها الشعور بمركب نقص تحاول دائما أن تغطيه بأعمال وتصرفات غالبا ماتكون إجرامية ونادرا ما تكون حسنة .
الفرع الرابع : مشكلة الابنة الوحيدة ـ أولاد الأسر الثرية ، كثرة الأولاد في العائلة الواحدة :
أولا : مشكلة الابنة الوحيدة :
قد يتصور البعض أنه لاتثور مشكلة بالنسبة للابنة الوحيدة نظرا للاهتمام والرعاية المبالغ فيهما من قبل والديها حيث يكون من الصعب انحرافها نظرا لأن لكل متطلباتها مجابة ، ولايوجد غيرها يحظى بعناية الوالدين ، ولكن علميا وعمليا نجد أن مشكلة الابنة الوحيدة على قدر كبير من الأهمية حيث تثور المشكلة عندما تنشأ الابنة الوحيدة في كنف والدين يوجهان نحوها كل الاهتمام محاولين حمايتها من كل العوامل التي يمكن أن تسبب لها أي إزعاج ولو بسيط ، فضلا عن قيامهما بتذليل كل العقبات التي يمكن أن تقف عائقا أماما وفي أحوال كثيرة يحملان عنها حتى عبء التفكير مما ينتج عنه نشأة الابنة وترعرعها في جو من الأنانية تفقد في ظله الشعور بالغير ، رافضة تماما أن يشاركها أي إنسان آخر في هذا الجو المترف فتتسم حينئذ شخصيتها بالخوف والتردد والأنانية التي تكون أول طريق الانحراف السلوكي الذي يمكن وبسهولة أن يكتسب الصفة الإجرامية .
في هذا المجال هو دور أساسي وحاسم ، حيث أكدت العديد من الأبحاث على أن أي خلل أو اضطراب يعرقل الأسرة عن أداء رسالتها في تربية طفلها يؤدي غالبا في المستقبل إلى الانحراف ومن ثم إلى الإجرام .
ثانيا : مشكلة كثرة الأولاد في العائلة الواحدة :
إن كثرة عدد الأولاد في الأسرة الواحدة ينتج عنها مضاعفات جسيمة تنعكس على سلوك الأبناء لاسيما عندما تكون الإمكانيات المادية للأهل محدودة ، فضلا على غياب الرقابة والتوجيه نظرا لانشغال الأب بالبحث عن لقمة العيش وتوفيرها لأبنائه ، وانشغال الأم بالمهام المنزلية من إعداد الطعام والنظافة وخلافه إن لم تكن تعمل أيضا في الخارج . حيث تكون النتيجة المنطقية لهذا الوضع هي تشتت الصغار وفرارهم إلى الشوارع نظرا لانعدام الرقابة فضلا عن الخلافات التي تنشأ بين الاخوة والغيرة التي تدب في نفس أي منهم إذا حظى أخيه بعناية واهتمام والديه ، فتجتمع تلك العوامل لتصنع لنا في النهاية شخصا قلما يكون فالحا وغالبا مايكون منحرفا .
ثالثا : مشكلة أولاد الأسر الثرية :
إن مشكلة أولاد الأسر الثرية تحظى باهتمام بالغ من جانب العلماء وذلك نظرا لازدياد معدل الإجرام بين أولاد تلك الأسر خاصة الأحداث منهم .
وقد تعرض الدكتور اندره رسون لتلك المشكلة في مقال نشر له في المجلة الدولية للعلم الجنائي والبوليس الفني(1) وخرج بالنتائج التالية :
(أ) أن مرد انحراف أبناء الأسر الثرية يعود في المقام الأول إلى انصراف آبائهم إلى الحياة المادية سعيا وراء الحصول على المال دون الالتفات إلى أبنائهم ، وانهماك الأم بمظاهر الرفاهية والحفلات والسهرات مما ينتج عنه حرمان الأبناء من العطف والحنان والرعاية ، حيث يتولد لدى الطفل شعور بالفراغ العاطفي ، مع ملاحظة أن تكليف المربية بأمر الأطفال لايعوضهم عن حنان الأم والأب المفتقد بسبب لهث الوالدين خلف المادة .
(ب) يتصف أبناء الأسر الثرية بالكذب والنفاق لدرجة المرض فهم دائما يحاولون إيهام الناس والظهور بمظهر لايمت إلى حقيقتهم بصلة ، ولعل أهم هذه المظاهر إعطاء أهمية خاصة لشخصهم ، وفي الحقيقة أننا لو جردناهم من اسم العائلة التي يحملونها ومن قناع الثراء الذي يرتدونه لأصبحت شخصية كل منهم أقل من الوسط .
(ج) بالرغم من الثراء الذي يتمتع به أبناء الأسر الثرية إلا أنهم دائما في حاجة مستمرة إلى النقود للصرف على مذاتهم وفي ظل غياب الرقيب على تصرفاتهم نجدهم سريعا ماينزلقون إلى الهاوية حيث يرتكبون جرائم السرقة أو القتل أو إعطاء شيكات بدون رصيد .
(د) أن أبناء الأسر الثرية يميلون دائما إلى تعاطي الكحول وعدم المحافظة على صحتهم مما يعرضهم لأخطار جسيمة تكون نتيجتها الحتمية اندفاعهم إلى طريق الجريمة ، وقد ذكر د.ربون مثالا على ذلك وهو قيام ثلاثة أولاد دفعهم مرض الغيرة الذي تملكهم إلى محاولة قتل أشقائهم .
ونحن نضيف : أن انعدام الرقابة يمثل السبب الرئيسي في انحراف الأبناء سواء كانوا أبناء أسر ثرية أو غير ثرية ، فرقابة الوالدين لأبنائهما خاصة في سن المراهقة هامة جدا ، ولاسيما على الإناث حيث أن الابنة في سن المراهقة تكون مضطربة التفكير سهلة الانقياد عاطفية سريعة التأثر بأصدقائها نظرا للتغيرات الفسيولوجية التي تمر بها في تلك المرحلة ، فضلا عن أنه لايوجد مجتمع مدرسي أو اجتماعي يخلو من أصدقاء السوء الذين يمثلون في حقيقة الأمر خطرا داهما على بناتنا يمكن في لحظة أن يعصف بالأسرة جميعها . ولعل أبرز جريمة اهتزت لها الأرض والسماء قد طالعتنا بها الصحف تحديدا صحيفة أخبار الحوادث العدد 713(1) بتاريخ 1 من ديسمبر سنة 2005 كانت لطالبة معهد الكمبيوتر وحيدة والديها التي قتلت أمها بسكين حاد ، نعم قتلت أمها بسكين حاد وظلت تطعنها في كل أجزاء جسدها حتى تفجرت الدماء منها وسقطت وسط بركة من الدماء ، والسبب كان أصدقاء السوء والتدليل الزائد للابنة الوحيدة . وطبقا لاعترافات المتهمة أمام رئيس مباحث قسم 15 مايو فإنها نشأة في أسرة صغيرة تضم الأب والأم ولم ينجبا سواها الأمر الذي ساهم في تدليلها وتلبية كل طلباتها وعلى حد قولها كانت "أحلامها مجابة" وبعد وفاة الأب ارتبكت الحالة المادية للمتهمة ووالدتها في تلك الأثناء تعرفت المتهمة على صديقة سوء زميلة لها في معهد الكمبيوتر حيث أقنعتها بممارسة البغاء بأجر مما كان له أبلغ الأثر في تمرد المتهمة على حياتها وعلى والدتها وبدأت تدب بين المتهمة وأمها الخلافات والمشادات حتى قامت الأم بضبط ابنتها أثناء هروبها من المنزل مما أثار غضب الابنة وحدا بها إلى أن تمسك بسكين وتقتل أعز الناس . أمها ..
ليس ذلك فقط بل قامت المتهمة بتبديل ملابسها الملوثة بدماء أمها القتيلة وأخفتها وخرجت إلى المعهد وعادت في خطة تمويهية لتصرخ وتؤكد أن أمها قتلت أثناء وجودها خارج المنزل ، ليس ذلك فقط بل أنها جلست في سرادق العزاء تبكي أمها وتتلقى عزاءها وفي النهاية ألقت المتهمة باللوم على والديها وأرجعت إجرامها وانحرافها إلى التدليل الزائد الذي كان العامل الرئيسي لنشأتها ضعيفة الشخصية والإرادة ، فضلا عن عصبية المزاج التي كانت تتمتع بها وثورتها لأتفه الأسباب . وإن كنا آثرنا أن نتناول تلك الجريمة بالذات للتأكيد على وجود مشكلة الابنة الوحيدة وسهولة إنزلاقها إلى عالم الإجرام ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لتأييد رأينا على ضرورة وأهمية الرقابة على الأبناء في سن المراهقة ...........
و للحديث بقية.....